قصة المتسول الأخرس في لبنان
والأزقة التي كان يتجول فيها وينام على قارعتها في بيروت الغربية. ومع اشتداد ضراوة الحړب ووصول طلائع الجيش الإسرائيلي إلى بيروت الغربية يئس الناس من المتسول الأخرس فتركوه لشأنه ووقف بعضهم عند زوايا الطرق وأبواب الأبنية يراقبون مصيره. وتقدمت جحافل الجيش الإسرائيلي واقتربت من المتسول الأخرس عربة عسكرية مصفحة تابعة للمهمات الخاصة وترجل منها ثلاثة ضباط واحد برتبة مقدم واثنان برتبة نقيب ومعهم خمسة جنود ومن ورائهم عدة عربات مدججة بالعتاد مليئة بالجنود. كانت المجموعة التي اقتربت من المتسول_الأخرس يحملون بنادقهم المذخرة بالړصاص ويضعون أصابعهم على الزناد وهم يتلفتون بحذر شديد.
كان الجو رهيبا مليئا بالړعب والمكان مليئ بالچثث والقتل ورائحة الډم ودخان البارود تنبعث من كل مكان. تقدموا جميعا من المتسول الأخرس وهو مستلق على الأرض غير مبال بكل ما يجري حوله وكأنه يستمع إلى سيمفونية بيتهوفن القدر يقرع الباب . وعندما صاروا على بعد خطوتين منه انتصب قائما ورفع رأسه إلى الأعلى كمن يستقبل المۏت سعيدا رفع المقدم الإسرائيلي يده نحو رأسه وأدى التحية العسكرية للمتسول الأخرس قائلا بالعبرية باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أحييكم سيدي الكولونيل العقيد وأشكركم على تفانيكم في خدمة إسرائيل فلولاكم ما دخلنا بيروت ! رد المتسول الأخرس التحية بمثلها بهدوء وعلى وجهه ذات البسمة اللطيفة وقال مازحا بالعبرية لقد تأخرتم قليلا وصعد العربة العسكرية المصفحة وتحركت العربة المصفحة وخلفها ثلاث عربات مرافقة تاركة في المكان كل أنواع الصدمة والذهول وأطنانا من الأسئلة كان بعض المثقفين الفلسطينيين ممن يتقنون العبرية قريبين من المكان وكانوا يسمعون الحوار وقد ترجموا الحوار لكنهم عجزوا عن ترجمة وجوه الناس المصډومة من أهالي تلك الأحياء البيروتية التي عاش فيها
الجاسوس الإسرائيلي المتسول الأخرس