كما تدين تُدان
كانَ معيداً بقسم اللغة العربية ، وبسبب ذكائه وتفوقه كان يُدَرِّس في معهد لطلاب الثالث الثانوي الأدبي إناثاً وشباب ، وبالدرس الأخير قُبَيلَ امتحان آخر السنة ، قالت له إحدى طالباته :
-أحبك ، وأنتَ أول شاب دقَّ له قلبي ، صدقني لا أعرف كيف ، لكني وقعتُ في غرامك .
شُلَّ لسانه عن الحركة لدقائق ، وهو ينظر لها كتمثال مُحَنَّط:
-أحترمُ مشاعركِ ، لكني أحب فتاة .
اعتصر الألم قلبها ، ثم مسحت دمعتها التي سقطت عنوة عنها وقالت:
-أعلم أنك تقول ذلك لأنك مصډوم ، لكن أعطني فرصة ، وصدقني مع الوقت ستحبني.
ثم رحلَتْ وهي ترجو أن يحبها يوماً ما .
لم يكن كاذباً فهو بالفعل كان يحب زميلته في الكلية وتقدَّم لخطبتها بعد أن تخرَّجَت ،ولأنَّها من عائلة ثريَّة ، لم يكتفِ بالرفض لضيق أحواله المادية ، بل قامَ بطرده بعد أن أهانه قائلاً :
-لم ينقصني سوى شحَّاذ بصفة مُدَرِّس .
فضاعفَ جهوده في الدراسة والتدريس ، كي يعاود خطبتها.
لم تتوقف طالبته عن مراسلته لأشهر تطمئن عن حاله ، مما جعله و بكلِّ مرة تراسله، يخبرها عن حبيبته أشياء لم تحصل ؛ بأنَّه بمرَّةٍ قابلها في المقهى وأهداها قلادة ، ومرَّة في الجامعة ، عندما أحضرَتْ له طعاماً من طبخها ، غير أنّها بكل مرة كانت تطلب مقابلته كان يخبرها أنه يريد أن يقابل حبيبته.
على الرغم من أنَّ كلَّ ما أخبرها به كان من تأليفه ، لكنه لم يرغب بچرح شعورها وحظرها عن الحديث معه مباشرةً ، أو حتى التسكّع معها والتسبب لها بالكلام المسيء من الناس ، بل أرادَ أن يساعدها بذلك الكلام على نسيان حبها له ،فقد كان يعرف شعور أنْ يحب المرء شخصاً لا يستطيع حتى الحديث معه ، فأهل زميلته التي أحبَّها منعوها من الخروج من المنزل إلا مع أحد من أفراد العائلة كي لا تراه ، وحتّى هاتفها النّقال أخذوه منها ، فأراد أنْ لا تشعر طالبته بنفس شعور الألم الذي عاشه.
…..يتبع
الجزء الأخير كما تدين تُدان
بعدَ عدَّةِ أشهرٍ انَقَطَعت طالبته عن مراسلته، فاطمَأَنَّ أنها لم تعد تحبه ، وأدرك أنَّ شعورها كان نابع من مراهقتها واندفاعها لتجربة الحب .
ذات يوم عاد إلى المنزل بغير وقته المعتاد ، فسمع أخته تحادث شاباً على الهاتف وهي تصرخ وتبكي :