حكاية الرجل الذي دخل منزل التاجر ليسرقه فزوجه ابنته
ذكر أن شابا فيه تقى وفيه غفلة طلب العلم عند أحد المشايخ الكبار حتى تعلم عنده، ودات يوم قال الشيخ له ولرفقائه لا تكونوا عالة على الناس فإن العالم الذي يمد يده إلى أبناء الدنيا لا يكون فيه خير فليذهب كل واحد منكم وليعمل بالصنعة التي كان والده يعمل بها وليتقي الله فيها.
فذهب الشاب إلى أمه فقال لها: ماهي الصنعة التي كان والدي يعمل بها؟
فاضطربة المرأة فقالت: أبوك قد ذهب إلى رحمة الله فما بالك وللصنعة التي كان يعمل بها!
فألح عليها وهي تتملص منه حتي اضطرها إلى الكلام فأخبرته وهي كارهة أنه كان لصا، فقال لها إن الشيخ أمرنا أن نعمل كل بصنعة والده وأن نتقي الله فيها...
قالت الأم ويحك فالسړقة تقوى!؟ وكان في الولد غفلة وحمق فقال لها هكذا قال الشيخ! وذهب وسأل وعرف كيف تسرق اللصوص فأعد عدة السړقة وصلى العشاء وانتظر حتى نام الناس وخرج ليعمل بصنعة أبيه كما قال الشيخ فبدأ بدار جاره وهم أن يدخلها ثم تذكر أن الشيخ أوصاه بالتقوى فليس من التقوى إيذاء الجار فتخطى هذه الدار فمر بأخرى فقال لنفسه هذه دار الأيتام فحذر الله من أكل مال اليتيم فتخطى هذه الدار ومزال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غني ليس فيه حرس ويعلم الناس أن لديه أموالا تزيد عن حاجته فقال ها هنا وفتح الباب بالمفاتيح التي أعدها ودخل فوجد دارا واسعة وغرفا كثيرة فجال فيها حتى وصل إلى مكان المال.
ففتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة الكثير فهم بأخذه ثم قال لا لقد أمرنا الشيخ بالتقوى ولعل هذا التاجر لم يأدي زكاة أمواله لنخرج الزكات أولا وأخذ الدفاتر فأشعل مصباحا صغيرا جاء به معه وراح يراجع الدفاتر ويحسب وكان ماهرا في الحساب خبيرا بإمساك الدفاتر فأحصى الأموال وحسب زكاتها فنحى مقدار الزكاة جانبا واستغرق في الحساب حتى مضت ساعات فنظر فإذا هو الفجر فقال تقوى الله تقضي بالصلاة أولا، فتوضأ وأقام الصلاة، فسمع رب البيت ورأى فنظر عجبا، مصباحا مضيئا وصندوق أمواله مفتوحا ورجلا يقيم الصلاة فقالت له امرأته ما هذا قال والله لا أدري، فنزل إليه وقال: ويلك من أنت وما هذا؟ قال اللص: الصلاة أولا ثم الكلام وهيا توضأ وصلي بنا فإن الإمامة لصاحب الدار فخاف صاحب الدار أن يكون معه ما يأذيه به ففعل ما أمره، والله أعلم كيف صلى، فلما قضيت الصلاة قال له الرجل وزوجته خبرني من أنت وما شأنك؟ قال لص.
قال له التاجر وما تصنع بدفاتري قال أحسب الزكاة فربما لم تخرجها من سنين، فقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصارفها، فكاد الرجل يجن من العجب فقال له ويلك ما خبرك هل أنت مچنون فأخبره بخبره كله فلما سمعه التاجر ورأى ظبط حسابه وصدق كلامه وإخراجه لزكاة أمواله ذهب إلى زوجته فكلمها وكان له بنت لم تتزوج ثم رجع إليه فقال له: ما رأيك لو زوجتك ابنتي وجعلتك كاتبا وحاسبا عندي وأسكنتك أنت وأمك في داري ثم جعلتك شريكي؟ قال: والله أقبل فلما أصبح الصباح عقد القران وتزوج الشاب من بنت الرجل الغني وتغيرة حياته للأفضل.